ليلة الإسراء والمعراج

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي أفاض علينا بكرمه وأجزل لنا في عطيته فاصطفى من أحبابه من صلح إلى حضرة اقترابه وقربه إلى حضرة وداده فأسرى به مكرماً من مكة إلى القدس معززاً فكان ذلك فخراً له وشرفاً ثم نصب له المعراج إلى السماء فرقى وسما وصار مبجلاً مفخماً موقراً معززاً مكرماً مؤيداً مقدماً حاكماً متصرفاً هذا وجبريل في ركابه لا يبغي عنه في ذهابه حولاً ولا تحزماً فاستفتح أبواب السماء بالتعظيم والتبجيل فقيل من معك يا جبريل فقال محمد المصطفى قيل أو قد أرسل إليه قال نعم قالوا مرحباً ولنعم المجيء جاء متوجاً مشرفاً فتلقته الملائكة الكرام وسلم على الأنبياء بالاحترام فالكل رحب به وأضحى من بركة بركته مغترفاً فتجاوزهم وسار وقطع الرسوم والآثار ولم يبلغ تلبثاً ولا توقفاً فسمع صرير الأقلام وتسبيح الأملاك ورأى الجنة والنار وما أعد الله فيهما للأبرار والفجار فخمد لهيب النار ببركة قدومه وانطفأ وعطّر رضوان في الجنة قصوراً وغرفاً ثم رفع إلى البيت المعمور وعاين الضياء والنور فرآه يدخله في كل يوم سبعون ألفاً فلما وصل جبريل إلى سدرة المنتهى تأخر عندها فقال له الرسول الجليل :"يا جبريل أهاهنا يترك الخليل متخلفاً" فقال يا سيد المرسلين وحبيب رب العالمين أنت صاحب السر المكتوم والعلم المرقوم ومن ها هنا تنطمس الرسوم وتندري العلوم فهذا مقامي المفهوم {وما منا إلا له مقام معلوم} فسر في مطالع طوالع سعدك مشرفاً وأرق من أنوار عزك ومجدك رفرفاً رفرفاً.
فما زال المختار يجاوز حجب الأنوار ويخترق الأستار ويرقى رفرفاً رفرفاً إلى أن ذهب الأين واختفى وزال البين وانتقى وسلك المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم حسن الأدب واقتفى وشاهد جمالاً ما زال بالوحدانية متصفاً فوقف موقف الحضور وقد ألبس خلع الضياء والنور مطرزة بطروز السرور مرقومة برقوم الحبور وقد وصل حبل الوصل وانتفى الجفا فبدأه السلام بالسلام متحفاً وحباه بالإنعام والإكرام تلطفاً وقال له العلي الأعلى {يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهداً ومبشراً ونذيراً وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً وبشر المؤمنين بأن لهم من الله فضلاً كبيراً}.
ولكن وهل بعد عصر المعجزات يُرى من ينـكر الرحلة الكبرى ويستترُ
ويدعي أنهـــا رؤيـــا قد انطلقــت في الحلـــم ما شــابها صحوٌ ولاسفرُ
دع عنك ما قيــل في المـعراج حيث ارتقى إلى مقام تهاوت دونه الفِكرُ
تـلك معجزة المختــار كرمه بهــــــا إله عظيم الشـــــان مقتـــــــــــدرُ
فلا الهواء هــــواء عنــــد من عرفوا و لا المكان مكان عنـد من نظروا
وإنما الله جل الله نظمهـــــــــــــــــــا للمصـطفى رحـلة في طيها عبرُ
فسبحان من خص هذا الحبيب بخلع التشريف وجعله قبلة للطاعة وكعبة للشفاعة من النار واللهب ووعد من صلى عليه بإجابة دعائه وانشراح صدره الرحيب فقال تعالى {وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب}.
اللهم إنا نسألك بجاهك العظيم وبما كان بينك وبينه ليلة الخلوة والجارة والتقريب والتكريم اغفر لنا كل ذنب عظيم وألبسنا ملابس القبول وبلغنا نهاية المسؤول وجميع المأمول وآتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار برحمتك يا أرحم الراحمين وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.